كيف تنتهج إدارة السّجون استخدام الأصفاد (القيود) وتعصيب العيون أداة للتنكيل بالأسرى وتعذيبهم؟
نادي الأسير الفلسطيني يستعرض أبرز ما ورد في شهادات الأسرى حول هذه القضية
28/3/2024
شكّلت قضية الأصفاد (القيود)، إحدى أبرز الأدوات الّتي استخدمتها إدارة سجون الاحتلال بشكل ممنهج بحقّ الأسرى، وهي جزء من الأدوات المركزية التي تعتمد عليها قوات الاحتلال وإدارة السّجون لإحكام السيطرة على المعتقل أو الأسير، وقد اُستخدمت على مدار عقود الاحتلال، كأداة للتنكيل والإذلال بالأسرى والمعتقلين، وذلك منذ لحظة الاعتقال الأولى، مرورًا بعمليات نقلهم.
ومنذ السابع من أكتوبر، برزت هذه القضية بشكلٍ أساسي في شهادات الأسرى، حول الكيفية التي استخدمت فيها قوات الاحتلال القيود للتنكيل بهم، لترتقي لأن تكون أداة لتعذيبهم، وشمل ذلك كافة الفئات من المعتقلين، من بينهم الأطفال والنساء، ومن تعرضوا للاحتجاز لساعات، ومرضى، وجرحى، ومن يعانون من إعاقات حركية، حيث استمرت عمليات تقييد بعض المعتقلين وفقًا لشهادتهم لأيام قبل نقلهم إلى مراكز التّحقيق، أو السّجون.
ووفقًا لشهادات الأسرى، فإنّ العديد منهم عانوا من انتفاخات وإزرقاق في الأيدي جرّاء ذلك، نتيجة للوضعية التي استخدمها الاحتلال خلال التقييد، من أبرزها تقييد الأيدي إلى الخلف، وإبقاء الأسير جالس على ركبتيه لساعات طويلة، إضافة إلى تعصيب العيون، وقد عانى الأسرى لاحقًا من أوجاع شديدة في أجسادهم جرّاء ذلك.
ولم تكتف أجهزة الاحتلال باستخدامها خلال المرحلة الأولى من الاعتقال، فقد نقل العديد من المحامين الذين نفّذوا زيارات للأسرى مؤخرًا، كيف انتهجت إدارة السّجون استخدام الأصفاد (القيود) كأداة لإذلال الأسرى عند نقلهم إلى الزيارة أو عند نقل الأسرى المرضى والجرحى إلى المستشفى، أو للعزل، أو عند النقل من سجن لآخر، حيث تتعمد بتقييد الأيدي والأقدام، إضافة إلى تعصيب العيون بطريقة مذلّة.
وفي عدد من الشهادات أكّد الأسرى أنّ إدارة السّجون نفّذت عمليات نقل لإجراء مقابلات لدى جهاز المخابرات، وأثناء النقل نتيجة لوضعية التقييد في الأيدي والأقدام ونقلهم بطريقة وحشية، سقط بعض الأسرى على الأرض، وأجبروا على استعادة قدرتهم على الوقوف وهم مقيدون، ومن لم يستطع فعل ذلك كانوا يتعمدوا ضربه وسحله، وقد تركزت شهادات الأسرى حول ذلك في الفترة الأولى بعد السابع من أكتوبر.
كيف أدى تقييد الأسرى خلال الزيارة إلى عرقلتها؟
انتهجت إدارة السّجون بعد السابع من أكتوبر بنقل الأسير عند الزيارة وهو مقيد اليدين إلى الخلف، والقدمين، ومعصوب الأعين، وأسه إلى الأسفل، وبعض الأسرى طُلب منهم أي يقوموا برفع أيديهم المقيدة فوق رؤوسهم، وعند دخول الأسير إلى غرفة الزيارة يتم إزالة العصبة، ويتم تقييد الأيدي إلى الأمام بدلًا من الخلف، مع إبقاء القيود بالقدمين، فعدا عن أنّ الأمر يأخذ من وقت الزيارة، فإن الأسير يتحدث عبر سماعة الزيارة بصعوبة كبيرة بسبب تقييد الأيدي، مما اضطر بعد الأسرى إلى استخدام الإشارة لتوضيح بعض المعلومات للمحامين، علمًا أنّ هذا الإجراء كان يستخدم سابقًا أثناء الزيارة فقط بحقّ الأسرى المعزولين أو من تصنفهم إدارة السّجون حسب ادعائها بأنّهم يشكلون (خطرًا).
عدا عن أنّ بعض الأسرى رفضوا الخروج للزيارة بهذه الطريقة المذلّة والمهينة والتي رافقها في العديد من المرات عمليات اعتداء بمستويات مختلفة، وكانت أبرز الشّهادات التي عكست ذلك من أسرى سجن (النقب)، الذي كان الشاهد الأبرز على عمليات تعذيب الأسرى بعد السابع من أكتوبر.
ولم تستثن إدارة السّجون الأطفال الأسرى، ففي سجن (مجدو) تتعمد الإدارة إحضار الأسرى الأطفال بنفس طريقة التقييد التي يتعرض لها الأسرى البالغين، ورغم مطالبات المحامين بضرورة فك القيود لكون الطفل لا يستطيع حمل السماعة، إلا أنّ إدارة السّجن أكدت أنّ هذا الإجراء يستند إلى أوامر جديدة ستنفذ بحقّ كافة الأسرى في السجون أثناء الزيارة.
معتقلو غزة مقيدون طوال الوقت في المعسكرات؟
استنادًا لروايات معتقلي غزة الذين أفرج عنهم بعد احتجازهم لفترات طويلة في المعسكرات والتي تخضع لإدارة جيش الاحتلال، تتعمد إبقاء المعتقلين طوال الوقت مقيدين، عدا عن إجبارهم على الجلوس بوضعيات تسبب وتزيد من آلامهم، وقد عكست العديد من صور المعتقلين الفرج عنهم إلى غزة آثار القيود على أجسادهم، وكيف أدت إلى حدوث انتفاخات في أطرافهم.
نماذج لبعض ما ذكره الأسرى حول التقييد:
(ع.ر) "يحضرونا لغرفة الزيارة ونحن مقيدين بالأيدي والأرجل ويطلبوا منا أن نخفض رؤوسنا للأسفل، لإذلالنا، والاعتداء علينا بالضرب".
شهادة محامية: "تم إحضار طفلين للزيارة لغرفة المحامين بمرافقة سجانين اثنين، وكان كل أسير منهم معصوب العينين، مقيد اليدين إلى الخلف بقيود حديدية ومقيد القدمين، وبعد دخول الأسير إلى غرفة الزيارة تم فك العصبة عن عينيه وفك قيود اليدين من الخلف، وتقييد اليدين من الأمام وإبقاء قيود القدمين، وعند سؤالي عن هذه التجديدات أبلغوني بأن هناك أوامر وإجراءات جديدة مع كل الأسرى عند خروجهم من القسم، ورفضت الجلوس مع الأسير وهو مقيد اليدين كونه لا يستطيع حمل السماعة للحديث معي بصعوبة قصوى، وطلبت فك القيود لاستكمال الزيارة، إلا أن السجانين رفضوا طلبي، وبعد نقاش طويل، والتأكيد على أن الأسرى أطفال، تم فك القيود، إلا أن ذلك كان على حساب وقت الزيارة، وبعد انتهاء الزيارة قاموا بتقييدهم من جديد بنفس الطريقة".
الأسيرة (م،ن): تم قيدي بقيود بلاستيكية محكمة بشدة إضافة إلى تعصيب عيناي، وأجبروني على المشي لفترة طويلة في منطقة وعرة، وعند نقلي إلى السيارة العسكرية، شعرت بضيق شديد نتيجة للقيود وللعصبة الموجودة على عيناي حتى كدت أن أختنق ولم أستطع التنفس".
وفي هذا الإطار يؤكّد نادي الأسير الفلسطينيّ، أنّ عمليات تقييد الأسرى التي تنتهجها سلطات الاحتلال تشكّل انتهاكًا وشكلًا من أشكال التعذيب، بحقّ الأسرى فعلى الرغم من أنّ الاحتلال انتهج ذلك على مدار عقود طويلة، إلا أنّ الوضعيات الراهنة للتقييد غير مسبوقة بحقّهم، وجدد النادي مطالبته لكافة المؤسسات الحقوقية بتحمل مسؤولياتها اللازمة في ضوء كثافة عمليات التنكيل والتعذيب التي يتعرض لها الأسرى بشكل غير مسبوق بعد السابع من أكتوبر
(انتهى)