خلال زيارات جديدة لعدد من معتقلي غزة في عدد من معسكرات الاحتلال
شهادات غير منتهية لجرائم التعذيب والإذلال التي تنفذ بحقّ معتقلي غزة في معسكرات وسجون الاحتلال
3/2/2025
قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، إنّ شهادات غير منتهية تعكس مستوى جرائم التّعذيب المستمرة بحقّ معتقلي غزة في معسكرات وسجون الاحتلال الإسرائيليّ، وذلك استناداً لمجموعة من الزيارات التي تمت مؤخراً لـ11 معتقلا من غزة، في معسكرات (سديه تيمان، نفتالي، وعناتوت، وسجن النقب).
ومجدداً روى المعتقلون ما تعرضوا له من عمليات تعذيب وإذلال وتنكيل خلال عمليات اعتقالهم من غزة، وفترات التحقيق القاسية، إلى جانب ذلك نقلت الطواقم القانونية، تفاصيل إحضارهم إلى الزيارة التي تعكس مستوى الإذلال الذي يتعرض له المعتقلون، تحديدا عملية تقييدهم المستمرة من الأطراف، وكيفية تحويل حاجات الأسرى إلى أداة للتعذيب والتنكيل، وتناول نوع من أنواع التحقيق أو ما يعرف بتحقيق (الديسكو).
وهنا تستعرض الهيئة والنادي، أبرز ما تضمنته هذه الزيارات من شهادات، تؤكّد مجمل الجرائم الممنهجة التي رصدتها المؤسسات، ونقلها المعتقلون بعد تحررهم، وهي جرائم ممتدة تاريخياً، إلا أنّ مستواها تصاعد بشكل -غير مسبوق- بعد الحرب.
(معسكر عناتوت)
تحقيق (الديسكو) شكل من أشكال التحقيق الذي استخدمه الاحتلال بحق معتقلي غزة
المعتقل (ي.ف) وبحسب المحامية التي زارته.
"أُحضر المعتقل إلى الزيارة، وقد تعمد الجندي سحبه بطريقة مهينة من سترته التي بدت أكبر من حجمه بكثير، ولم يتمكن المحامي من رؤية وجه المعتقل إلا بعد أن أزال العصبة عن عينيه، وفي حينه بدا على الأسير استغرابه من الضوء"
"وقد روى المعتقل أنه تعرض في معسكر (سديه يتمان)، لتحقيق (الديسكو) وهو التحقيق الذي يتعرض فيه المعتقل للموسيقى الصاخبة بشكل مستمر لمدة يومين، وبعد 30 يوماً عقدت له جلسة محاكمة، مدتها 5 دقائق، ولم يفهم من الجلسة أي تفصيل أو سبب لاعتقاله".
وأكّد المعتقل (ي.ف) أنّ ظروف الاعتقال في معتقل (عناتوت)، حيث يبقى المعتقلون معصوبي الأعين ومكبلين الأيدي طوال الوقت، ويمنع على أي معتقل الحديث مع أي معتقل آخر.
فيما روى المعتقل (م. ي) أحد المعتقلين في معسكر(عناتوت) اليوم، تفاصيل اعتقاله في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر للعام 2024، حيث جرى نقله إلى معسكر (سديه تيمان) في بداية اعتقاله، وحُوّل للتحقيق تعرض لتحقيق (الديسكو)، لمدة أربعة أيام، وهو معصوب الأعين، وكان يُحقّق معه يوميا لمدة 3 ساعات، كما ونقل تفاصيل تعرضه للضرب المبرح في معسكر (سديه تيمان) قبل نقله إلى معسكر (عناتوت)، الذي تسبب له بنزيف في أنفه، وذكر المعتقل أنّه خضع لجلسة محكمة بعد مرور نحو أسبوع لمدة 3 دقائق فقط، ولم يفهم ما أسباب اعتقاله.
إدارة معسكر عناتوت تستخدم حاجة الأسرى الذهاب للحمّام أداة للتنكيل
أما المعتقل (م.ي)، لم يكن يدرك مكان تواجده إلا من خلال المحامية التي قامت بزيارته، والسبب هو بقائه معصوب الأعين ومكبل الأيدي طوال الوقت، كما ووصف المعتقل (م.ي) الظروف الاعتقالية في معسكر (عناتوت) الذي يقبع فيه حالياً أنه بارد، ولا يسمح لهم الحديث مع أي معتقل، ويجبرون المعتقلين الجلوس بوضعيتين فقط وهما، الجلوس على الركب، أو على المؤخرة طوال ساعات النهار، ويستخدمون حاجة الأسير لقضاء حاجته طريقة من طرق الإذلال، وبعض الأسرى اذا اضطروا للذهاب لقضاء حاجتهم يتم معاقبتهم، والعقاب هو الجلوس على الركب لفترة طويلة دون الفرشة، مع رفع البنطال حتى الركبة حتى تكون ملامسة للأرض، ويتم وضع أيديهم وهي مكبلة خلف الرأس، أما على صعيد الطعام فهو كما هو قليل الكمية مجرد لقيمات، وعلى صعيد الاستحمام يسمح لهم مرة أسبوعيا، والملابس يتم تبديلها مرة واحدة شهرياً، ويحرم المعتقلون من الصلاة أو الوضوء، ومن يصلي وهو جالس يتعرض للعقاب.
لكل 55 أسيرا يتم تزويده بثلاثة قطع من المحارم فقط
وفي نفس السياق جرت زيارة لأحد المعتقلين في معسكر (سديه تيمان)، حيث أفاد المعتقل (م.م): "أنّه تعرض للضرب المبرح خلال عملية اعتقاله بالبنادق، مما تسبب له بكسور في الأضلاع، وحتى اليوم وبعد مرور ثلاثة شهور على الاعتقال، يعاني من آلام في صدره، بعد الاعتداء عليه، نقل جيش الاحتلال إلى معسكر(سديه تيمان)، وهو محتجز فيه حتى اليوم، إلا أنّ المعتقل لم يكن يعلم أنّه في معسكر (سديه تيمان) سوى عندما أبلغته المحامية بذلك، ومنذ اعتقاله لم يتعرض المعتقل لجلسة محاكمة، كما أكّد جميع المعتقلون ينامون على فرشة رفيعة جدا، يسمح لهم بالاستحمام مرتين أسبوعيا، كل أربع معتقلين يحصلون على قطعة صغيرة من الصابون للاستعمال المشترك، كما أنه يتم تبديل الملابس الداخلية مرة كل أسبوعين، وتغيير الملابس مرة كل شهر، وكل 55 أسيراً يتم تزويدهم بـ3 من قطع المحارم وهذه الكمية لا تكفي بالمطلق للمعتقلين، لفت الأسير إلى أنّ بعض المعتقلين الذين أحضروا مؤخرا إلى المعسكر تعرضوا للضرب.
أما على صعيد ظروف سجن النقب حيث سيطرت إفادات الأسرى على جريمة التجويع وعمليات الإذلال المستمرة، وكذلك استمرار انتشار مرض الجرب السكايبوس، حيث وصف أحد المعتقلين أنهم يبقون بالجوع طوال الوقت كون أن إدارة السجن تتلاعب بموعد تقديم اللقيمات التي يتم تقديمها لهم. كما لفت بعض المعتقلون في بعض الأقسام إلى أنه لم يتم تزويدهم بمقص الأظافر منذ شهرين، وكذلك ماكنة الحلاقة.
ملاحظات:
(تمت زيارة معتقلي معسكر عناتوت في سجن عوفر)
بالنسبة لمعسكر (نفتالي) فإن عدد المعتقلين فيه 57 من غزة و11 من لبنان)
تذكّر هيئة الأسرى، ونادي الأسير مجدداً أبرز الحقائق عن قضية معتقلي غزة.
•حتّى اليوم لا يوجد تقدير واضح لعدد المعتقلين من غزة في سجون ومعسكرات الاحتلال من قبل المؤسسات المختصة، والمعطى الوحيد المتوفر هو ما أعلنت عنه إدارة سجون الاحتلال في بداية شهر كانون الثاني/ يناير، (1886) ممن صنفتهم (بالمقاتلين غير شرعيين)، من بينهم ثلاث أسيرات محتجزات في سجن (الدامون)، وعشرات من الأطفال تحديدا في سجن (مجدو)، ومعسكر (عوفر).
•لم تتمكن المؤسسات من رصد عدد حالات الاعتقال من غزة في ضوء جريمة الإخفاء القسري التي فرضها الاحتلال على معتقلي غزة منذ بدء الحرب، ويقدر عددهم بالآلاف.
•استحدث الاحتلال عدة معسكرات خاصة لاحتجاز معتقلي غزة إلى جانب السجون المركزية، منها ما هو معلوم وقد يكون هناك معسكرات غير معلن عنها: كان أبرزها معسكر (سديه تيمان) ومعسكر (عناتوت) ومعسكر في حيز سجن (عوفر)، إضافة إلى معسكر (نفتالي).
•شكّلت روايات وشهادات معتقلي غزة، تحولا بارزا في مستوى توحش منظومة الاحتلال والتي عكست مستوى -غير مسبوق- عن جرائم التّعذيب، وعمليات التّنكيل، والتّجويع، بالإضافة إلى الجرائم الطبيّة الممنهجة، والاعتداءات الجنسية، واستخدامهم دروعا بشرية.
•شكّل معسكر (سديه تيمان) عنواناً بارزاً لجرائم التّعذيب، والجرائم الطبيّة المروعة بحقّ معتقلي غزة، إضافة إلى ما حملته روايات وشهادات معتقلين آخرين مفرج عنهم عن عمليات اغتصابات واعتداءات جنسية فيه، مع العلم أنّ هذا المعسكر ليس المكان الوحيد الذي يحتجز فيه معتقلو غزة، فالاحتلال وزّعهم على عدة سجون مركزية ومعسكرات، ونفّذ بحقّهم عمليات تعذيب ممنهجة، توازي عمليات التعذيب في معسكر (سديه تيمان) ، منهم سجني (النقب وعوفر).
•أدت هذه الجرائم إلى استشهاد العشرات من المعتقلين، هذا عدا عن عمليات الإعدام الميداني التي نُفّذت بحق آخرين، علماً أنّ المؤسسات المختصة أعلنت فقط عن (37) شهيدا من معتقلي غزة، وهم من بين (58) معتقلاً وأسيراً اُستشهدوا منذ بدء حرب الإبادة، فيما يواصل الاحتلال إخفاء بقية أسماء معتقلين استشهدوا في المعسكرات والسّجون.
•يواصل الاحتلال منع اللجنة الدولية للصليب الأحمر من زيارتهم، كما الأسرى والمعتقلين كافة.
•يشار إلى أنّ الاحتلال نفذ حملات اعتقال واسعة في شمال غزة، علماً أن حملات الاعتقال هذه طالت العشرات من الطواقم الطبيّة، وحتى اليوم لا تتوفر معلومات عن مصير من تم اعتقالهم مؤخرا وما زالوا رهن الإخفاء القسري.
تجدد المنظومة الحقوقية الدّولية المضي قدما في اتخاذ قرارات فاعلة لمحاسبة قادة الاحتلال على جرائم الحرب التي يواصلون تنفيذها بحقّ شعبنا، وفرض عقوبات على الاحتلال من شأنها أن تضعه في حالة عزلة دولية واضحة، وتعيد للمنظومة الحقوقية دورها الأساس الذي وجدت من أجله، ووضع حد لحالة العجز المرعبة التي طالتها في ضوء حرب الإبادة والعدوان المستمر على الضّفة، وإنهاء حالة الحصانة الاستثنائية التي منحتها دول الاستعمار القديم لدولة الاحتلال إسرائيل باعتبارها فوق المساءلة والحساب والعقاب.
(انتهى)